الرئيسية / بحوث ومقالات / صحيفة الرأي الأردنية: ” اعلان أربيل خارطة طريق لبناء دولة المواطنة “

صحيفة الرأي الأردنية: ” اعلان أربيل خارطة طريق لبناء دولة المواطنة “

نشرت صحيفة الرأي الاردنية مقالاً للكاتب بلال حسن التل بالعدد (16673) والتاريخ 19/7/2016 حول اعلان ملتقى اربيل الذي صدر من المؤتمر الذي عقده مركز الحكمة للحوار والتعاون من النجف الاشرف مع مركز بحث السلام النرويجي و مركز دراسات الاسلام والشرق الاوسط من واشنطن الذي شارك فيه شخصيات دينية وعلمية مثلت المكون العراقي بتاريخ 2/6/2016 وقد جاء في المقال ما نصه:

” أمامي إعلان أربيل، الصادر عن الملتقى الفكري الخامس الذي عقد في مدينة أربيل، بتنظيم من مركز الحكمة للحوار والتعاون في النجف، ومؤسسة بحث السلام النرويجية في أوسلو، ومركز دراسات الإسلام والشرق الأوسط في واشنطن، وقد شاركت في الملتقى الذي عقد تحت عنوان « دولة المواطنة في ظل التنوع الديني والثقافي في العراق» شريحة تمثل مختلف مكونات الشعب العراقي، الطائفية والمذهبية والجغرافية والعرقية، من علماء ورجال دين وباحثين ومفكرين، بالإضافة إلى مجموعة من المفكرين من غير العراقيين، وقد بحث المشاركون وعلى مدار يومين التحديات أمام دولة المواطنة الشاملة، وكانت حصيلة مناقشاتهم إصدار إعلان إربيل «من أجل إصلاح حقيقي» الذي أكد أن الحل الحقيقي للعراق هو في تعزيز دولة المواطنة، التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات، في ظل مبدأ سيادة القانون الذي تحترم في ظله الحريات العامة، والآراء والمعتقدات لأبناء الشعب العراقي كلهم.

دعا إعلان أربيل إلى تحقيق مصالحة حقيقية بين أبناء الشعب العراقي بما يضمن تعزيز الثقة المتبادلة. ولتحقيق ذلك أكد الإعلان على دور المؤسسات الدينية والتربوية والإعلامية في ترسيخ مفهوم المواطنة، والعيش المشترك واحترام الآخر بشكل فاعل، ودعا رجال الدين إلى تثقيف أتباع الديانات على احترام الإنسان، ونبذ كل أنواع التطرّف والإرهاب والكراهية. كما دعا الحكومة العراقية إلى وضع آليات لبناء السلام لمنع ما يظهر من تداعيات سلبية في المجتمع كمشاكل الثأر والتصفية الطائفية والقومية بعد تحرير الأرض من عصابات داعش الإرهابية. كذلك دعا الإعلان المؤسسات الثقافية والمدنية ومنظمات المجتمع المدني والجامعات إلى توجيه طاقاتها في سبيل استئصال كل ما من شأنه أن يضر بالمواطنة. كما دعا إلى الاهتمام بالطاقات الشبابية ودعم النشاطات التي تكفل لهم حياة كريمة، وتعليما يضمن لهم الحماية من الأفكار المتطرفة والعشوائية. مثلما دعا إلى تعزيز دور المرأة في ترسيخ مفهوم المواطنة، وإعطائها الدور الحقيقي في بناء المجتمع.

تشكل البنود التي تضمنها الإعلان أرضية صلبة لخارطة طريق، يمكن أن تؤدي في النهاية إلى إخراج العراق من محنته، ومن حالة التشرذم والاقتتال التي يعيشها إلى مرحلة بناء دولة المواطنة، وحتى يتم ذلك فلابد من استدعاء كل الجوامع المشتركة بين العراقيين، بحيث تتحول هذه الجوامع إلى مداميك في بناء دولة المواطنة، التي يمتزج فيها العراقيون من كل المناطق والطبقات والأعراق والمذاهب والطوائف، فيحتكمون جميعا إلى دولة القانون التي تساوي بين الناس في الحقوق والواجبات، والتي تجعل من التنوع والتعدد العرقي والمذهبي مصدر قوة وثراء للعراق كما هي الحال في كل الدول التي تمتاز بهذا التنوع وتحُسن توظيفه، كالهند على سبيل المثال، على أن من المهم أن يؤمن الجميع بأن أهم أسس إقامة دولة المواطنة هو إقامة العدالة الاجتماعية التي تبني حالة الرضا، والثقة عند الناس، ومن ثم تساعدهم على بناء السلم الاجتماعي الذي هو البديل لحالة الاقتتال المذهبي والطائفي التي يدفع ثمنها كل العراقيين.

لقد تضمن إعلان أربيل مبادئ عريضة ودعوة سامية لإقامة دولة المواطنة، وظل أن يسعى الجميع إلى ترجمة هذه المبادئ على أرض الواقع، من خلال الممارسة العملية التي تحول الأفكار الجميلة إلى واقع جميل يعيشه الناس ويمتزجون به ويدافعون عنه، لأنهم بذلك يدافعون عن مصالحهم وعن وجودهم، من خلال احساسهم بالانتماء والولاء لدولة المواطنة التي تساوي بين الناس، وحتى يتحقق ذلك فإن على كل الجهات التي خاطبها إعلان أربيل أن تنهض لأداء دورها في ترجمة مبادى الإعلان على أرض الواقع، من خلال توقف الجميع وفي طليعتهم العلماء ورجال الدين ومثلهم الإعلاميون عن بث خطاب التحريض على الكراهية والعنف ونبذ الآخر، واستبدال هذا الخطاب بخطاب الأخوة الإنسانية والجوامع المشتركة بين أتباع الأديان والمذاهب، وهي أكثر بكثير من ما يفرق، وهو الأمر الذي انتبه إليه إعلان أربيل عندما دعا رجال الدين إلى تثقيف أتباع الأديان على احترام الإنسان ونبذ كل أنواع التطرف والإرهاب والكراهية، والمساهمة مع سائر المؤسسات الثقافية والإعلامية ومؤسسات المجتمع المدني على تدريب المواطنين على ممارسة حقوق وواجبات المواطنة، التي هي الممر الصحيح والإجباري نحو مستقبل أفضل وآمن ليس للعراقيين وحدهم، بل لكل شعوب هذه المنطقة من العالم”.

photo_2016-07-22_20-11-14

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *