الرئيسية / بحوث ومقالات / في طوز خورماتو المدينة العراقية مأساة كربلاء جديدة

في طوز خورماتو المدينة العراقية مأساة كربلاء جديدة

تعددت صور الانتهاكات في مأساة كربلاء تلك الحادثة المؤلمة التي تعرض بها الحسين بن علي واهل بيته وأصحابه من الشيوخ والنساء والأطفال إلى القتل والتمثيل والسبي، ومن بينهم السيدة زينب بنت علي التي كان لها دورٌ بطولي تجسد في رعاية ما بقي من العيال والنساء في مسيرة السبي من كربلاء الى مدينة الكوفة ثم الشام، متواصلة في بيان رسالة ثورة أخيها الحسين بوجه الطغاة في مناسبات متعددة من هذه المسيرة، مما جعلها امرأة خالدة في التراث الشيعي وأنموذجاً للتحدي والصبر.

في عراق اليوم وفي المدينة الصغيرة ( بيراوجلي) احدى مدن طوزخورماتو التابعة لمحافظة كركوك، المدينة التي تعرضت لهجومات أرهابية مختلفة ولدت زينب جديدة (سهيلة كمال كهية) المرأة التي فقدت الاب والابن والزوج وثلاثة من الاخوة الى جانب اربعة عشر من ابناء عمومتها، وهي صابرة مقتدية بالسيدة زينب بنت علي، اذ تتحدث عن مأساتها بأنتصار.

–  لم أبك على أشقائي الثلاثة الذين استشهدوا وهم يدافعون عنا وعن دورنا وحقولنا ومساجدنا وحسينياتنا ومدارسنا، رافضين الإستسلام والانهزام أمام الأرهاب والتخلي عن قريتنا، لأنهم في حالة دفاع عن النفس.

–  لم أبك على زوجي العليل، الأعزل، الذي خرج حديثاً من المشفى بعد عملية جراحية صعبة وهي رفع الكلية، وهم يقتادونه أمام عيني ليقتلوه بدم بارد، ويرمون بجثته في مشروع الماء القريب من القرية، (الذي كان يعمل فيه ويجهد في تزويد القرى المجاورة الحاضنة للإرهاب بالماء العذب طوال عشرين سنة) ليقتل ساقي الماء ضريبة إنسانيته.

–  لم أبك وانا أسير مع موكب التشيع لأكثر من عشرين شهيداً من أهلي وأبناء عمومتي على طول الطريق الممتد بين مستشفى مدينتي إلى مقبرة الشهداء، وكأني أودعهم الى جنات الخلد أسوة بشهداء فاجعة الطف.

–  لم أبك على أحد عشر من أهلي وأبناء عمومتي الذين نزحوا إلى كركوك واستشهدوا في إحدى الحسينيات بحزام ناسف، لأني على معرفة بان الشيطان لم يشف غليله من قتل الأبرياء بعد.

–  ولكني بكيت مرة فقط، نعم بكيت في لحظة دبَّ فيِّ الضعف، وليعذرني ربي على دموعي التي لم أملك قرارها، ولتسامحني سيدتي (زينب بنت علي) لأنني لم اقتد بها هنا..

–  نعم أعترف بأن دموعي سالت دون إرادتي لحظة أخذوا ولدي الفتى الجميل ذو الستة عشر عاماً، واقتادوه أمام عيني، حين كبل الوحوش يديه إلى الخلف، لحظة مطالبة زوجي راجياً منهم ان يقدموه للقتل بدلاً من الفتى الذي لم يذق طعم الحياة، والذي عاد من العمل كعامل للبناء بملابس العمل وبراءة الحلم.

–  نعم نظرته البريئة أدمت قلبي وهزت حشاشتي عندما ألتَفتَ نحوي بنظرة طفولية حائرة وهم يجرونه ويتقاذفوه فيما بينهم وكأنه يسألني:

–   أمي ما ذنبي ؟ وما الجرم الذي ارتكبته بحق هؤلاء؟ لكي يفعلوا بي هكذا.

–  لحظات أشاهد بها مسرح مصرعه التي لم تفارق مخيلتي قط، صورة وحوش ضارية تتنافس على البطش في الفريسة وتمزيق أحشائها، وكأني أمام غابة وحوش ، وتهرب نظرة ولدي مع هرب الحيوانات المفترسة التي اصطادته لانتظر خبره مرتجفة متحيرة في سواد الليل الذي لم يترك سبيلاً غير الانتظار.

–  لحظات وسمعت أصوات الرصاص ترتفع وكأنها حدثتني عن مصير ولدي، وكأنها اذاعت اسمه مع اسماء من ذهب من اهل بيتي، وهنا تأكدت انه لابد من ان يجري علينا ما جرى في مأساة كربلاء، ولابد من ان تتجدد تلك الفاجعة مادام للإنسانية من أعداء.

–  تحية لك ايتها التركمانية (سهيلة كمال كهية) وأنت سائرة على خطى السيدة زينب بنت علي، لأنك تحملين رسالة الإيمان بالقدر ومقاومة الارهاب الاعمى.

–  انت العراقية البنت والام والاخت التي ترسم قصتها برسالة الانسانية والشجاعة والتضحية لترفع شعار ” الحياة ستنتصر على الدم”.

الإخراج: د احمد الجراح

photo_2016-11-07_14-43-33

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *